الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة على ركح قرطاج: حوار بين فنان وارهابي وبن يغلان يوّجه سهام نقده الى كل مسؤول في الدولة

نشر في  07 أوت 2017  (14:07)

بعد أن اعتلى ركحه لأول مرة منذ 20 سنة خلت وتحديدا بمسرحية "مثلا"، عاد الفنان رؤوف بن يغلان وصافح جمهور المسرح الروماني بقرطاج ليلة الأحد 6 أوت، بعرض مسرحيته الجديدة "ارهابي غير ربع"، لقاء سلّم فيه بن يغلان الجمهور الذي لبى دعوته بأعداد محترمة عديد الرسائل لعل أبرزها محاربة كل الأفكار الظلامية التي قد تسيطر على أي واحد فينا لحظة ضعف .
على تمام الساعة العاشرة مساءً أنيرت أضواء ركح قرطاج لتكشف عن ديكور موزع بإحكام على خشبة المسرح، عدد من المناضد وفوقها كتب وجرائد واريكة حمراء، ليطل رؤوف بن يغلان، الذي أعلن منذ بداية المسرحية أنه مؤلف يبحث عن نهاية لبطل روايته، مؤكدا أن هذه الشخصية التقت بالجمهور ورافقته في أعماله السابقة واليوم يعيش بطل روايته حالة من التردّد والصراع الداخلي الذي نجم عن تغير مجرى الأحداث في بلادنا منذ الثورة الى اليوم، كما أعلن صاحب مسرحيات "مثلا" و"آش يقولولو" و"نعبر والا ما نعبرشي" و"حارق يتمنى" ، أن بطل مؤلفه الجديد يبحث عمن يستمع اليه والى مشاكله وهو السبب الذي دفعه الى نقل هذه المعاناة الى خشبة قرطاج عله يجد حلا "لارهابي غير ربع" وينقذه قبل أن يتحول الى ارهابي كامل .
مسرحية خاطب فيها بن يغلان جمهوره بطريقة موغلة في المباشرتية وتحدث بطريقة لا تخلو من سخرية عن عديد الظواهر التي طفت على السطح اثر الثورة لعل اهمها الارهاب وتفاقم الرشوة والسرقة وغيرها، وذلك عبر دعوته للارهابي غير ربع ليدور حوار ثنائي بينهما أي بينه هو الفنان والمؤلف و"بطل" روايته ... حاوره وبحث معه عن الاسباب التي دفعته الى تبني الافكار الظلامية والتفكير في الالتحاق بالمجموعات الارهابية، وفتح معه باب النقاش محاولا اثنائه عن فكرة الانضمام الى داعش، في الاثناء يكشف بن يغلان الاسباب التي جعلت من شاب يتحول الى مشروع ارهابي، ويوجه سهام نقده الى كل الجهات المسؤولة في الدولة محملا اياها المسؤولية الكاملة في عدم احتضانها واستقطاب ابناء هذا الوطن ودفعهم الى المجهول والتضحية بهم.

ارهابي غير ربع هي صرخة يطلقها رؤوف بن يغلان لتفادي تأزم الوضع بعد ان باتت تونس في المراتب الاولى من ناحية تصدير الارهابيين.
"الارهابي غير ربع" هو شاب مهمّش تتقاذفه امواج الخصاصة والحرمان والاقصاء، يفكر في لحظة ضعف في الالتحاق بالعناصر الارهابية، بعد ان احتضتنه ووعدته بالجنة والحور العين ناهيك عن توفير كل ظروف الحياة المترفة، لكن وقبل أن يتحول هذا الشاب أو «مشروع الارهابي» الى ارهابي كامل، يستغل فنان الجانب المنير داخل «الارهابي غير ربع» ويحاول استغلال الانسان الحي داخله لاعادته الى رشده و التصدي الى محاولاته للتحول الى ارهابي كامل عبر توفير حلول عاجلة له. .
وفي هذا العمل المونودرامي، يحاول بن يغلان ايجاد الحلول الكفيلة لجعل الارهابي غير ربع لا يتحول الى ارهابي كامل حيث يصرخ ويقول :"ما دامك غير ربع أنا مانخليكش .. قمروك رموالك المنداف وحصلوك ...خلقولك حكاية وصنعولك خرافة بش يبهروك وتسلملهم روحك لهم من غير لا تعرف شكونهم ولا شكون وراهم ... أنا مانخليكش". وبالفعل لا يتخلى الفنان عن الارهابي غير ربع في هذا العمل المسرحي ويحاول بشتى الطرق اقناعه بالعدول عن فكرته وينجح في مسعاه اخيرا، ليترك رسالة في غاية الاهمية، وهي انه بامكاننا لو تكاتفت كل الجهود ان نبطل مشروع الارهابي، كما يبرز دور الثقافة والمثقف في التصدي للفكر الظلامي المتطرف. .
. وكعادته كان "رؤوف بن يغلان" لاذعا في نقده، حيث أكد أن لامبالاة الساسة وتردي الأوضاع الاجتماعية كلها ظروف ستؤدي حتما الى انفجار الوضع ويأس الشباب، حيث أبرزت المسرحية أن داخل كل واحد من هؤلاء ارهابي غير مكتمل يجب التأثير عليه واستقطابه وايجاد حلول له، لأن في الضفة الأخرى تقبع الجماعات الارهابية التي توفر كل الظروف للشاب وتحوله الى وحش آدمي .
في هذا العمل المسرحي نجح بن يغلان في اثناء الارهابي غير ربع واقناعه وحال دون تحوله الى ارهابي كامل، حيث اقنعه بالانضمام الى صف حماة الوطن لا اعدائه، ليرتفع نهاية العرض النشيد الوطني بصوت كورال من الاطفال ليهز أرجاء المسرح الروماني بقرطاج معلنا عن انتصار الفنان على الإرهاب.

تغطية : سنــاء الماجري